في زمنٍ تتسارع فيه الشاشات، وتتنافس فيه المحتويات السريعة على انتباه الإنسان، يمرّ الكتاب بحالة من العُزلة لم يعرفها عبر العصور. فقد تراجع حضوره في حياة الكثيرين، خاصة لدى الأجيال الجديدة التي باتت تفضّل الصورة على الكلمة، والمقطع القصير على الفكرة العميقة، والتصفح السريع على التأمل الطويل.
إن عزلة الكتاب ليست عزلة ورقية فقط، بل هي عزلة معرفية وثقافية وفكرية، تُنذر بآثار عميقة على الفرد والمجتمع.
عزلة الكتاب هي ابتعاد الأفراد عن القراءة الجادة والمنهجية، والاكتفاء ببدائل سريعة مثل منشورات التواصل أو المحتويات الرقمية المختصرة، مما يقلل من قيمة الكتاب كمصدر رئيسي للمعرفة والتكوين الفكري.
الهواتف الذكية ومنصات الفيديو أصبحت الخيار الأسرع والأكثر إغراءً، مما يجعل العودة إلى الكتاب أمراً يتطلب جهداً وصبراً.
البيئة التربوية التي لا تُعزز القراءة تجعل الكتاب غريباً عن حياة الأطفال.
غياب النموذج القارئ في حياة الأبناء يجعل القراءة فعلاً ثانوياً.
الطالب يغرق في الواجبات والاختبارات، فلا يجد وقتاً للقراءة الحرة.
المحتوى السريع يجعل القارئ يبحث عن “المعلومة الجاهزة” لا المعرفة العميقة.
الكتاب يوسّع المدارك، أما الاستغناء عنه يخلق جيلاً يتعامل مع المعارف بسطحية.
القراءة تُغذّي المفردات والصياغة والقدرة على التعبير.
الكتاب يعلّم القارئ التحليل، أما المحتوى السريع فيُغري بالتلقّي دون تفكير.
الصور الجاهزة لا تمنح الدماغ فرصة لبناء مشاهد خيالية كما يفعل الأدب.
الابتعاد عن الكتب يضعف معرفة الأجيال الجديدة بقيمها وتاريخها وأدبها.
اللحظة التي يرى فيها الطفل كتاباً في يد والده، تصبح القراءة جزءاً من حياته.
فعاليات قراءة ممتعة، مسابقات كتب، نوادٍ ثقافية.
تشجيع الكتب الإلكترونية بدل المحتوى السطحي.
حتى 15 دقيقة يمكن أن تُحدث فرقاً كبيراً.
اختيار كتب تتحدث عن اهتمامات الطفل: فضاء، رياضة، تاريخ، قصص.
الكتاب يمنح القارئ فرصة نادرة للتأمل، وللحوار الداخلي، وللبحث عن معنى، وهي مهارات لا توفرها العوالم الرقمية السريعة.
عندما يقرأ الإنسان، فإنه لا يضيف معلومة فحسب، بل يبني داخله عالمًا جديدًا.
عزلة الكتاب ليست قدراً محتوماً.
فإعادة الاعتبار للقراءة تبدأ من الأسرة، وتُعزّز في المدرسة، وتتجذّر عندما يشعر الفرد أن الكتاب ليس مجرد وسيلة للمعرفة، بل صديقٌ يصنع المعنى، ويوسّع الأفق، ويملأ الروح نوراً.
إن إنقاذ الكتاب هو في حقيقة الأمر إنقاذ للإنسان نفسه.
التعليقات