نظريات التعلم وعلمائها

نظريات التعلم وعلمائها

نظريات التعلم وعلمائها

تعد نظريات التعلم من أهم الركائز في علم النفس التربوي، حيث تسعى إلى فهم كيفية اكتساب الأفراد للمعرفة والمهارات والسلوكيات. هناك العديد من النظريات التي تطورت عبر الزمن، وكل منها يقدم منظورًا مختلفًا لعملية التعلم.

إليك أبرز نظريات التعلم وعلمائها:

1. النظريات السلوكية (Behavioral Theories): تركز هذه النظريات على أن التعلم هو نتيجة للتفاعل بين الفرد وبيئته، وأن السلوكيات يتم تعلمها من خلال الارتباطات بين المثيرات والاستجابات، والتعزيز والعقاب.

• العالماء البارزون:

  • إيفان بافلوف (Ivan Pavlov): رائد الاشراط الكلاسيكي. اشتهر بتجاربه على الكلاب، حيث أثبت أن الاستجابة يمكن أن ترتبط بمثير جديد من خلال التكرار.

  • إدوارد ثورندايك (Edward Thorndike): صاحب نظرية المحاولة والخطأ وقانون الأثر، الذي ينص على أن الاستجابات التي يتبعها رضا تميل إلى التكرار، والتي يتبعها عدم رضا تميل إلى الاختفاء.

  • بورهوس فريدريك سكينر (B.F. Skinner): رائد الاشراط الإجرائي. يرى أن التعلم يحدث من خلال تعزيز السلوكيات المرغوبة ومعاقبة السلوكيات غير المرغوبة.

  • جون بي. واطسون (John B. Watson): مؤسس المدرسة السلوكية، أكد على أن علم النفس يجب أن يركز على السلوكيات القابلة للملاحظة والقياس.

  • كلارك هل (Clark Hull): اشتهر بنظرية الحافز في التعلم، التي ترى أن السلوك الإنساني يحدث نتيجة تفاعل مستمر بين الكائن الحي والبيئة.

  • جون دولارد ونيل ميلر (John Dollard & Neal Miller): تعاونا في وضع نظرية التعلم الاجتماعي التي ركزت على دور الثواب والعقاب والتقليد في تشكيل السلوك.

2. النظريات المعرفية (Cognitive Theories): تركز هذه النظريات على العمليات العقلية الداخلية التي تحدث أثناء التعلم، مثل التفكير والإدراك والذاكرة وحل المشكلات.

• العلماء البارزون:

  • جان بياجيه (Jean Piaget): رائد النظرية البنائية (التنموية/التطورية). يرى أن التعلم عملية بناء معرفي نشط يقوم به الفرد من خلال التكيف مع البيئة، وتمر عبر مراحل نمائية محددة (الاستيعاب والتلاؤم والتوازن).

  • ماكس فيرتهايمر، وكورت كوفكا، وولفجانج كوهلر (Max Wertheimer, Kurt Koffka, Wolfgang Köhler): مؤسسو النظرية الجشطالتية. تركز على أن التعلم يحدث من خلال إدراك الكل كصورة متكاملة وليس مجرد أجزاء متفرقة.

  • جيروم برونر (Jerome Bruner): صاحب نظرية النمو المعرفي، التي تؤكد على دور التنظيم المعرفي في عملية التعلم وأهمية التعلم بالاكتشاف.

  • روبرت جانييه (Robert Gagné): قدم نموذجًا لتصنيف نتائج التعلم (أنواع التعلم) ووضع تسلسلًا هرميًا لمستويات التعلم.

  • ديفيد أوزوبل (David Ausubel): صاحب نظرية التعلم ذي المعنى (التعلم بالاستقبال الهادف)، التي تركز على ربط المعلومات الجديدة بالمعلومات الموجودة في البنية المعرفية للمتعلم.

  • ليون فستنجر (Leon Festinger): صاحب نظرية التنافر المعرفي.

3. النظريات البنائية (Constructivism Theories): تركز على أن المتعلم يبني معرفته بنفسه من خلال التفاعل مع البيئة والخبرات، وأن التعلم ليس مجرد استقبال سلبي للمعلومات.

• العلماء البارزون:

  • جان بياجيه (Jean Piaget): (كما ذكر أعلاه، يعتبر من رواد البنائية).

  • ليف فيجوتسكي (Lev Vygotsky): رائد النظرية البنائية الاجتماعية (السوسيوبنائية). يرى أن التعلم عملية اجتماعية وثقافية تحدث من خلال التفاعل مع الآخرين في "منطقة التنمية القريبة".

  • جون ديوي (John Dewey): صاحب نظرية التعلم عن طريق التجربة، التي تؤكد على التعلم العملي والخبرات الواقعية.

4. نظريات التعلم الاجتماعي (Social Learning Theories): تركز على دور التفاعل الاجتماعي والملاحظة والتقليد في عملية التعلم.

• العلماء البارزون:

  • ألبرت باندورا (Albert Bandura): رائد نظرية التعلم بالملاحظة (الاجتماعية المعرفية). يرى أن الأفراد يتعلمون السلوكيات الجديدة من خلال ملاحظة الآخرين وتقليدهم، وأن التعزيز الذاتي والفعالية الذاتية تلعبان دورًا مهمًا.

  • جوليان روتر (Julian Rotter): عمل على توسيع نظرية التعلم الاجتماعي من خلال مفهوم "وجهة الضبط" (Locus of Control)، الذي يشير إلى مدى اعتقاد الأفراد بقدرتهم على التحكم في حياتهم.

5. النظريات الإنسانية (Humanistic Theories): تركز على الجوانب العاطفية والتحفيزية للتعلم، وعلى أهمية تحقيق الذات والنمو الشخصي للمتعلم.

• العلماء البارزون:

  • أبراهام ماسلو (Abraham Maslow): صاحب هرم ماسلو للاحتياجات، الذي يشير إلى أن تلبية الاحتياجات الأساسية ضرورية قبل أن يتمكن الفرد من تحقيق إمكاناته الكاملة في التعلم والنمو.

  • كارل روجرز (Carl Rogers): ركز على التعلم المتمحور حول الطالب، وأهمية البيئة التعليمية الداعمة والمشجعة.

هذه النظريات ليست منفصلة تمامًا، بل تتداخل وتتكامل في كثير من الأحيان، وتقدم كل منها رؤى قيمة لفهم تعقيدات عملية التعلم البشري.