المعلّم هو الموظف الوحيد الذي يُقدّم الخدمة واقفًا،والمتعلّم جالسا
ترسلون أبناءكم كلّ يوم، وتُحاسبونني وتطلبون منّي:
ألا أضرب!
ألا أصرخ!
ألا أُخرج تلميذًا من الفصل!
أنا حريصة على أن يكتبوا، أن يفهموا، أن يناقشوا،
أن يُحلّلوا، أن يُحضّروا دروسهم في بيوتهم.
أنا حريص على أن أرى كلّ واحد منهم أستاذًا...
طبيبًا... مهندسًا... سفيرًا...
وحين أشرح الدرس، أشرحه وكأنّي أرى داخل فصلي أربعين أو خمسين أستاذًا، لا أربعين أو خمسين تلميذًا!
أحرص على مراقبة دفاترهم، حقائبهم، أفضّ الخلافات، وأنهي النزاعات بين المتخاصمين!
يقع على عاتقي نُصرة المظلوم الضعيف على الظالم القوي،
وعلى عاتقي إرجاع الحقوق إلى أهلها!
على عاتقي إنهاء الشغب لإتمام الدرس،
وفرض النظام والهدوء،
والعدل في توزيع أماكن الجلوس!
على عاتقي ترتيب جلوس التلاميذ،
وملاحظة الهندام، وطول الأظافر، وأربط لهم الأحذية أحيانًا!
أُصنّف في دفتري التلاميذ:
أعرف اليتيم، أعرف الكريم، أعرف اللئيم، أعرف المجتهد، أعرف الكسول، أعرف العامل، وأعرف الخامل...
وليسوا سواءً، فأُعطي كلّ ذي حقٍّ حقّه.
على عاتقي تهوية الفصل،
الحفاظ على نظافته،
الحفاظ على جماله!
أنا أستاذة
وهؤلاء تلاميذي الأربعون،
من أربعين عائلة جاؤوا...
وهناك فوجٌ ثانٍ، وثالث، ورابع...
هُناك مزيج من حالات الناس،
يأتون إليّ من كلّ مكان،
وأنا في غاية ضبط النفس، تحضيرًا،
وحرصًا، واهتمامًا، وهندامًا، وابتسامة...
عسى أن أُعطي كلّ طالبٍ مسألته.
أنا المُمرّضة: أُسعف، أُبلّل المنديل لتخفيف حرارة طالب،
وأمسح دم أنف آخر، أو زكام هذا.
وفي الوقت ذاته، أتناول قرص صداع،
كي أستطيع إكمال الحصص القادمة!
ألجأ أحيانًا إلى قطعة حلوى،
أرفع بها نسبة السكر في دمي!
أشمّ رائحة كبدي تحترق حين أوزّع العلامات،
فأنهزم أمام أصحاب الدرجات الضعيفة...
أجعل نفسي محلّ الاتهام، فلعلي السبب!
فارفعوا القبعة للمعلّم...
بادلوه التحيّة!
اعترفوا له بالفضل...
واعلموا أنّ له عليكم حقًّا،
فالمعلّم هو الشخص الوحيد الذي يُقاسمكم تربية أبنائكم،
فلا ترضوا له الإهانة.
المعلّم هو الموظف الوحيد الذي يُقدّم الخدمة واقفًا،
والمتعلّم جالس!
التعليقات