#لماذا_نشعر_بالقلق؟ #وكيف_نحتوي_هذا_الشعور؟
كم مرة شعرت بثقل في صدرك ليلة الأحد؟ أو استيقظت صباح أول يوم عمل أو دراسة وأنت تتمنى لو طالت العطلة قليلًا؟
هذا الشعور لا يعني أنك شخص كسول، ولا أنه مزاج سيئ. ما تشعر به هو حالة نفسية شائعة تحدث في فترات الانتقال، حيث يُجبر العقل على التكيّف مع التغيير.
لماذا نشعر بالقلق عند العودة؟
1. لأن العطلة كانت مساحة أمان
في الإجازة، نكون أكثر تحررًا. لا رسائل بريد مقلقة، ولا مواعيد ثابتة. نشعر أننا أقرب إلى أنفسنا. وعند العودة، نُجبر على الدخول في أدوار ومسؤوليات قد تكون مرهقة أو غير واضحة. هذا الانتقال قد يُحدث اضطرابًا داخليًا يظهر في صورة توتر أو قلق أو حتى نوبات بكاء مفاجئة.
بحسب جمعية علم النفس الأمريكية (APA)، فترات الانتقال بين الراحة والضغط قد تكون محفزًا كبيرًا للقلق، خاصة لدى الأشخاص ذوي الحساسية النفسية العالية.
2. لأننا نخشى من التقييم
العودة تعني أننا سنُرى، سنُقارن، وسنُقيَّم. وهذا القلق الاجتماعي، حتى لو كان خفيفًا، يضغط على الجهاز العصبي ويجعلنا نشعر بعدم الارتياح.
3. لأننا فقدنا السيطرة على وقتنا
خلال العطلة، نختار متى نستيقظ، متى نخرج، وحتى متى نرد على الرسائل. أما بعد العودة، يعود النظام. هذا الفقد المفاجئ للشعور بالتحكم قد يكون مرهقًا نفسيًا.
4. لأننا نربط "العودة" بالإجبار
كثير منا لا يرى العودة كبداية جديدة، بل كمهمة ثقيلة. لذلك يرتبط العقل العودة بـ"الإجبار"، وليس بـ"الاختيار"، مما يعزز المقاومة والقلق.
هل هذا طبيعي؟
نعم، وبشدة. القلق هنا هو إشارة من جسدك ونفسك بأن هناك تغييرًا يحدث، وأنك تحتاج إلى وقت لتتكيف. ما يُخيفك ليس العودة نفسها، بل الفجوة بين الراحة السابقة والتحديات المقبلة.
تشير دراسات علم الأعصاب إلى أن التغييرات المفاجئة في الروتين تنشّط الجهاز الحوفي (Limbic System) في الدماغ، وهو المسؤول عن تنظيم المشاعر. هذا التنشيط يمكن أن يُثير مشاعر مثل الخوف أو القلق حتى قبل أن نواجه الحدث فعليًا.
بمعنى:
لو كنتِ على وشك الرجوع للعمل أو الجامعة بعد فترة راحة، دماغك يتوقع الضغط مسبقًا، فيبدأ يُفعّل مناطق القلق فيك، حتى قبل ما ترجعين فعليًا، لأن التغيير بحد ذاته يُعتبر "منبه خطر" للجهاز العصبي.
كيف نتعامل مع هذا القلق بوعي؟
- اسمح لنفسك أن تشعر
لا تُجبر نفسك على الإيجابية الزائفة. مشاعرك مشروعة. الاعتراف بالقلق هو أول خطوة لتهدئته.
- ابدأ بالتدريج
لا تقفز مباشرة إلى العمل المكدّس أو الأهداف العالية. خُذ يومين لتصفية البريد، ترتيب المكتب، أو التحدث مع زملائك دون ضغط.
- ضع لنفسك مرسى يومي
مرساك هو لحظة صغيرة في يومك تشعرك بالأمان: قهوة على الشرفة، موسيقى هادئة في الطريق، أو حتى دفتر تكتب فيه أفكارك.
- استخدم لغة داخلية داعمة
بدلاً من "ما أقدر أرجع"، جرب: "أنا أرجع على مهل... وسأعيد توازني بالتدريج". الكلمات تغير التجربة النفسية.
- لا تنسَ أن تكافئ نفسك
بعد يوم طويل، كافئ نفسك بشيء بسيط تحبه. القلق لا يُعالج بالإجبار، بل بالحنان.
خاتمة
العودة إلى العمل أو الدراسة ليست مجرد حدث تقويمي. إنها تحوّل نفسي، يتطلب رفقًا لا قسوة.
اسمح لنفسك بأن تكون بطيئًا. بأن تشتاق. بأن تتردد.
فالعودة ليست سباقًا… بل رحلة إعادة التكيّف مع الحياة.
التعليقات