إذا رأيت المعلم مبلغ علمه وقمة أهتمامه هو استيفاء سجلاته، والتوقيع في سجل الحضور والانصراف ؛ فلا يهتم بنظافة فصل ولابتهويته ، ولا يسأل عن غائب ، ولايتابع حاضر ، ولا يواسى مصابا ، مؤخرته لا تفارق المقعد وهو بالفصل، أذنه معلقة بجرس الحصة ؛ يهرول فور سماع رنينه فرحا وطربا وكأنه نال البراءة من الإعدام ، لا يشارك إدارة المدرسة في هم ،ولا يزيح عن زميل غم ، يتبرم من الحصص الإضافية تبرم القط من الماء ، والمريض من مر الدواء، هو أول من يسأل عن المرتبات والعلاوات ويشكو من الاستقطاعات ، تراه يحفظ مفردات مرتبه أكثر من حفظه لفاتحة الكتاب، يأتي للمدرسة جسدا له خوار ؛ عقله بخارجها ، فالوظيفة عنده استثناء ، وعمله الخارجي هو الأساس ، لا يحاور زميل في إستراتيجية ، ولا وسيلة تعليمية ، ولا تنمية مهنية ، ولايناقش موقف تعليمي ، ولا يقوم سلوك تلميذ ، يري كل ملتزم ( عويل ) ، إذا عاتبه مدير أو موجه أو مسئول خاصم وفجر ، وأنكر وغدر ، كلمة ( أشمعني ) في فمه لبانه ، فهي عذره ومنجاته وبيانه ، يؤدي المنهج شكلا لا موضوعا ، إذا قيل له عالج الضعاف ، تحجج بالخطة والمنهج ، ويدخل عليك ( بالحنجل والمنجل ) ، هو أول المغادرين للمدرسة ، وآخر الحاضرين إليها ، فذلك هو المعلم الموظف وهذا دأبه....
وعلى النقيض ترى
المعلم صاحب الرسالة :: هو أول الحاضرين وآخر المغادرين ، يتلمس الحصص الإضافية ويطلبها حثيثا ، ليستدرك مهارة ، أو يدعم مقالة ، تراه يهتم ببيئة فصله المادية ، وبأحوال تلاميذه المعنوية والصحية ، يهتم بالجوهر دون المظهر ، يقوم سلوكيات تلاميذه بالفصل وبخارجه ، كل يوم يضيف جديدا ، إذا ما غاب
، مناقشاته مثمرة ، يسأل عن كل جديد ، ويمد يد المساعدة للقريب والبعيد ، ورغم ظروفه المادية تراه قانعا شاكرا ، عرف عند الله مقامه لأنه بمهنة الأنبياء أقامه ،
لا يبخل بعلم ، ولا يكل ولا يمل ، فهو كالنحلة في همته ونشاطه ، وكالنخلة فى عطائه ، ينفض همومه ويطرحها عند باب المدرسة ، التلاميذ بمثابة أولاده ، إذا غاب أحدهم سأل ، وإذا جهل أحدهم أعان وعمل ، وإذا أعوج سلوكه قوم وأعدل، هذا الصنف كان متوفرا ومتاحا قبل أن يصبح التدريس مهنة لمن لا مهنة له ، ف لا حول ولا قوة إلا بالله...
_____
كن صاحب رسالة تكن الاثنين معا
التعليقات