لا شك أن التقويم عملية ضرورية في العملية التربوية فلا يمكن الحكم على فاعلية البرامج التربوية والمقررات الدراسية في تحقيق أهدافها بدون تقويم مبني على أسس ومناهج علمية. ولقد شهد المجتمع التربوي تطورات في عمليات التقويم وأدواته وأساليبه كما اهتم الخبراء بتطوير طرق وأساليب توجه عملية التقويم؛ ويرجع ذلك لأهمية التقويم ودوره في صنع القرارات التربوية السليمة، ووضع البرامج التربوية وتوجيه مسارها أثناء كل مرحلة من مراحل إعدادها وتنفيذها.
وقد اقترن مفهوم التقويم بالاختبارات؛ كون الاختبارات هي الأداة الأكثر شيوعا وذلك لسهولة إعدادها وتقنينها وارتباطها بأهداف محددة، وقد وجهت العديد من الانتقادات لهذا الفكر المعتمد على حفظ المعلومات دون فهمها، والتركيز على استدعاء المعلومات من الذاكرة متجاهلاً مهارات التفكير العليا، فهي تلزم الطالب بوقت محدد وقصير لا يمكن من خلاله التأكد من قدرات الطالب الواقعية والحقيقية. بالإضافة إلى أنها تغفل تقويم جوانب عديدة من شخصية المتعلم، وتركز فقط على الجانب المعرفي دون النظر إلى الجانب المهاري أو الوجداني.
ونتيجة للانتقادات الموجهة إلى التقويم التقليدي، دعت التوجهات الحديثة في مجال التقويم إلى نوع من التقويم يركز على تقويم الأداء، والمعروف باسم التقويم الواقعي أو التقويم البديل، وهو يشكل مدخلاً بديلاً أو متكاملاً مع الاختبارات التقليدية.
وقد عرف الشريف (2022) التقويم البديل بأنه تقويم يتضمن أساليب وأدوات متنوعة تلبي احتياجات وميول المتعلمين، ويتطلب من المتعلم إنجاز مهام وأنشطة معينة، ويكشف عن استعداداتهم، ويتيح لهم فرصا تقييمية متنوعة؛ لتحديد مستويات تحصيلهم.
في حين عرفه (2022) Winzer بأنه: “تقويم متعدد الأبعاد لمدى متسع من القدرات، والمهارات، ولا يقتصر على اختبار الورقة والقلم، وإنما يشتمل أيضا على أساليب أخرى متنوعة، مثل: ملاحظة أداء الطالب، والتعليق على نتائجه، وإجراء مقابلات شخصية معه، ومراجعة إنجازاته السابقة.
وقد لاقى هذا النوع من التقويم قبولاً واهتماماً واسعاً في العديد من النظم التعليمية؛ لاسيما وأن استخدام أدوات التقويم البديل أظهرت تقدماً في أداء الطالب؛ إذ يمكن من خلاله تقديم التغذية الراجعة المنتظمة وإعطاء صورة شاملة لجميع جوانب نمو الطالب.
كما أن التغير في طبيعة الأهداف التربوية ساهم في التخلي عن طريقة التقويم التقليدي، واستبداله بالتقويم البديل وذلك بالتركيز على معايير عالية المستوى تتضمن مهارات التفكير العليا، وحل المشكلات، والتعلم التعاوني، والتعلم الذاتي وغيرها من المهارات والكفايات، مما أدى إلى شمولية نواتج التعلم، واختلاف طرق تقويمها باستخدام الأدوات المختلفة. ومن زاوية أخرى فإن التقويم البديل يتفق مع نظرية الذكاءات المتعددة، وهذا يتطلب من المعلم تقويم المتعلمين بطرائق متنوعة تقدم معلومات دقيقة عن جوانب قوتهم وضعفهم.
وقد أشار الخطيب (2023) إلى أن التقويم البديل يتميز بعدد من الخصائص وهي:
والجدير بالذكر أن التقويم البديل يقوم على مبدأ تفريد التعليم حيث يقارن الطالب بين تحصيله الحالي وتحصيله السابق فيلاحظ مدى التطور الذي حققه دون النظر إلى أقرانه.
استراتيجيات التقويم البديل: يوجد عدد من الاستراتيجيات المستخدمة في التقويم البديل منها:
ويستخدم لتقويم أي استراتيجية من استراتيجيات التقويم البديل أدوات متنوعة بحسب الاستراتيجية المستخدمة وأهم تلك الأدوات: قوائم الشطب والرصد، سلالم التقدير، السجل القصصي.
ورغم كل مميزات التقويم البديل وما يحققه من أهداف إلا أنه لم يستخدم بشكل واسع في الأوساط التعليمية في التعليم العام (عسيري، 2021، والمقحم ومعشي، 2019). وذلك نظراً لمقاومة المعلمين التغيير في طريقة التقويم التقليدية بسبب الجهد والوقت اللازم لإعداد وتطبيق هذا النوع من التقويم؛ لذا ينبغي عقد ورش لتدريب المعلمين على استخدام هذا النوع من التقويم، وإقامة مجتمعات التعلم المهنية لتبادل الخبرات والتجارب الناجحة بينهم لتشجيعهم على التغيير والتطوير واستخدام أساليب تقويم مختلفة تتوافق مع التوجهات التربوية الحديثة، وتراعي الفروق الفردية بين المتعلمين لتحقيق الأهداف المنشودة.
التعليقات